كتاب دوري رقم (1) لسنة 2020م

بشأن الوقائع الجنائية والمخالفات التي تقع بالمخالفة لقوانين الصحة العامة والمهن الطبية والصيدلانية  في الحالات الطارئة

تلقت النيابة العامة العديد من الشكاوى والبلاغات من افراد وجهات مختلفة تتعلق بحق الرعاية الصحية التي يجب أن تكفله الدولة لجميع المواطنين ولا سيما في الحالات غير العادية التي تتفشى فيها الأمـــراض المعدية والأمـــــــراض الوبائية التي تفشت وبشكل غير عادي وتهدد الصحة العامة كالملاريا وحمى الضنك والكوليرا والشيكونغونيا المعروف في اليمن بـ (المكرفس) , والأمراض الجائحة مثل جائحة كورونا (كوفيد 19) التي انتشرت وبشكل ملحوظ عبر مساحة واسعة جداً كـ (وباء عالمي) اصاب نسبة كبيرة من التجمعات السكانية في كل اصقاع المعمورة.

ولما كانت الرعاية الصحية حق دستوري لجميع المواطنين وفقا لنص المادة (55) منه التي تنص على أن : "الرعاية الصحية حق لجميع المواطنين وتكفل الدولة هذا الحق بإنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية والتوسع فيها وينظم القانون مهنة الطب والتوسع في الخدمات الصحية المجانية ونشر الوعي الصحي بين المواطنين"

ونظراً لعظم الدور المنوط بالقطاع الصحي، فقد أصدر المشرع اليمني العديد من التشريعات وهي :

  • القانون رقم(60) لسنة 1999م بشأن المنشآت الطبية والصحية الخاصة
  • القانون رقم (26) لسنة 2002م بشأن مزاولة المهن الطبية والصيدلانية
  • القانون رقم(4) لسنة2009م بشأن الصحة العامة
  • القانون رقم (28) لسنة 2000 بشأن المجلس الطبي
  • فضلا عن قرار جمهوري بالقانون رقم(76)لسنة 2004م بشان اللائحة التنظيمية لوزارة الصحة العامة والسكان التي بينت مهام الوزارة وتنظيم اختصاصاتها .

واجمالا تبين تلك التشريعات الوطنية حق المواطنين بالرعاية الصحية وواجب الدولة من خلال وزارة الصحة والسكان بكفالة هذا الحق ،وكذا الواجبات والمحظورات على المشتغلين بالمهن الطبية والمهن الفنية الصحية المقابلة والمنشآت الصحية ، وكيفية التعامل مع الشكاوى والبلاغات المتصلة بالإخلال بكفالة حق المواطنين بالرعاية الصحية أو بتلك الواجبات والمحظورات التي يتعين الالتزام بها في كافة الظروف العادية ،وغير العادية كما بينت تلك التشريعات العقوبات بمختلف انواعها الجنائية والتأديبية وما يلزم من تعويضات أو جزاءات تكميلية التي توقع على مخالفي نصوص القانون ( [1]) .

  وسنعرض فيما يلي جانب من كفالة حق الرعاية الصحية للمواطنين في الظروف غير العادية المتصلة بما تلقته النيابة العامة من الشكاوى والبلاغات بسب تفشي الأمراض والأوبئة المعدية والسارية على نحو ما أشرنا إليه آنفا ووفقا لما يلي:

اولاً : القانون رقم (26) لسنة 2002م بشأن مزاولة المهن الطبية والصيدلانية:

جرم هذا القانون عددا من الوقائع التي تقع بالمخالفة لنصوصه في الظروف الطارئة وهي كما يلي:

  • رفض معالجة المرضى :

هذه الجريمة تعلق بالحالات العادية والحالات الطارئة ولكن في الحالات الطارئة يشدد القانون اكثر في حظر رفض معالجة المرضى.

مادة(21) :يحظر على مزاولي المهنة كل في مجال اختصاصه ما يلي:ـ

  • رفض معالجة أي مريض مالم تكن حالته خارج اختصاصهم إلا إذا توفرت لديهم أسباب فنية أو اعتبارات مهنية باستثناء الحالات الطارئة فيجب على الطبيب بذل العناية اللازمة أيا كانت الظروف مستخدما كل الوسائل المتاحة لديه حتى يتأكد من وجود أطباء آخرين يملكون القدرة والإمكانيات لتقديم العناية المطلوبة وعلى المنشأة سواء كانت خاصة أو عامه تقديم المساعدة اللازمة وتحدد اللائحة التنفيذية ضوابط هذه الخدمة.

العقوبة :

تنص المادة (33) على أنه : "مع مراعاة ما ورد في قانون إنشاء المجلس الطبي ومع عدم الاخلال بأية عقوبة أشد تنص عليها القوانين الأخرى النافذة تطبق على المخالف لأحكام هذا القانون العقوبات التالي:ـ

د ـ عقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد عن مائتي الف ريال لكل من خالف أحكام المواد(..،..،21) من هذا القانون.

  • عدم تلبية الاستدعاء والنداء ودون ابطاء في حالة الطوارئ والكوارث:

مادة(16): :كل المشمولين في هذا القانون ملزمون في حالة الطوارئ والكوارث تلبية الاستدعاء أو النداء دون إبطاء حتى وإن كانوا خارج النوبة أو في إجازتهم".

العقوبة :

المادة (33) الفقرة (ج) ـ عقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن شهر أو بغرامة لا تزيد عن مائة الف ريال لمن خالف احكام المواد(16).

ثانياً : القانون رقم (4) لسنة 2009 بشأن الصحة العامة :

يوكل هذا القانون في الفصل الخامس منه العديد من الواجبات في مجال الترصد الوبائي ومكافحة الأمراض المواد (10 ، 11 ، 15 ، 16 ، 17 ، 18 ).

كما جرم هذا القانون عددا من الوقائع التي تقع بالمخالفة لنصوصه في الظروف الطارئة وهي كما يلي:

  • أي شخص ارتكب احد الأفعال التالية :
  • عدم الابلاغ عن الإصابات والوفيات الناتجة عن الأمراض المعدية .
  • تعريض شخص للعدوى أو التسبب عن قصد بنقل العدوى للغير .
  • إخفاء مصاب عن قصد بمرض معدي.
  • الامتناع عن تنفيذ أي إجراء طلب منه لمنع تفشي العدوى.

المادة (12) وتنص على أن :"

  • إذا أصيب شخص ما أو اشبته بإصابته أو توفي نتيجة إصابته بأحد الأمراض المعدية المحددة من الوزارة وجب الإبلاغ عنه فوراً إلى أقرب منشأة صحية ،والتي عليها إبلاغ الجهة المعنية بذلك.
  • كل من أخفى عن قصد مصاباً بمرض معدي أو عرض شخصاً للعدوى بمرض وبائي أو تسبب عن قصد بنقل العدوى للغير أو امتنع عن تنفيذ أي إجراء طلب منه لمنع تفشي العدوى يعتبر متركب لجرم يعاقب عليه بمقتضى أحكام هذا القانون.

ويلاحظ من هذا النص أن حكمه يتسع لتطبيقه على أي شخص ولا يقتصر على ذوي المهن الطبية وغيرها فعلى سبيل المثال أن امتناع أي شخص عن تنفيذ أي اجراء طلب منه لمنع تفشي العدوى يخضع للعقاب وهذا ينطبق في الحالات التي تعلن الحكومة اجراءات معينة من قبيل التدابير الاحترازية لمنع تفشي العدوى فإنه يتعين أن يلتزم الجميع بها تحت طائلة المسائلة القانونية وفقا لهذا النص والعقوبة المقررة في المادة (67) سياتي بيانها ادنى.

  • عدم التزام مزاولي المهن الطبية والمهن الفنية الصحية المقابلة في أي منشأة صحية الإبلاغ عن أي إصابة أو وفاة بمرض معدي إلى أقرب مديرية صحية:

المادة (13) :وتنص على أنه :

"على مزاولي المهن الطبية والمهن الفنية الصحية المقابلة في أي منشأة صحية الإبلاغ عن أي إصابة أو وفاة بمرض معدي إلى أقرب مديرية صحية خلال أربعة وعشرين ساعة من حدوثها أما إذا كان المرض خطير أو منتشراً بشكل وباء فيكون التبليغ عنه فوراً.

  • استعمال المواد أو الأشياء أو الأمكنة الموبوءة :

المادة (14) :" يحظر تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون استعمال المواد أو الأشياء أو الأمكنة الموبوءة التي يحتمل أن تنقل المرض كما يحظر وضع أي منها في متناول الغير أو تحت تصرفهم.

  • حرمان المريض في الحالات الطارئة من حقه في الأولوية في العلاج بالمنشأة الطبية والصحية الحكومية والخاصة :

مادة(51): "لكل مريض أولوية في المنشآت الطبية والصحية الحكومية والخاصة في:-

  • الحصول على الرعاية الفورية في الحالات الطارئة.
  • تلقي شرح واضح عن حالته والعلاج المقترح له والموافقة على تعاطي ذلك العلاج أو رفضه.

ويلاحظ أن حق المريض بالأولوية في دخول المنشآت الطبية في الحالات الطارئة وحقه في الحصول على الرعاية الفورية لا تتوقف عند منحه هذا الحق بل يتعداه إلى مرحلة اجباره على العلاج في المنشأة الطبية إذا كان نوع المرض المصاب به يمكن ان يهدد حياته بالخطر او ينقل العدوى للغير .

المادة(50): " لا يكون إدخال المريض لمنشأة صحية جبراً إلا :-

أ‌-       إذا أوجبت حالته الصحية العلاج داخل المنشأة الطبية وكان لعدم دخوله تهديداً لحياته.

ب‌-     بهدف حماية الآخرين من انتقال العدوى أو الإصابة بسببه.

العقوبة :

  • المادة(67) مع مراعاة أي عقوبة أشد ورد النص عليها في القوانين النفاذة الأخرى يعاقب بالحبس من أسبوع إلى سنة أو بالغرامة من خمسين الف ريال إلى ثلاثمائة الف ريال كل من خالف أي من أحكام هذا القانون....."

  اخلال الطبيب بواجب الابلاغ عن أي مصاب بمرض وبائي وساري :

العقوبة :

  • المادة(66) وتنص على ان :" يعاقب الطبيب المرخص الذي قام بمعالجة أي مصاب بمرض وبائي وساري ولم يقم بتبليغ الوزارة أو المديرية بالإصابة أو الوفاة بغرامة لا تزيد عن خمسين الف ريال.

ومما يجدر الإشارة إليه هنا بيان اختصاص المجلس الطبي لمعرفة الدور المناط به في التحقيق في الشكاوى والمخالفات المرفوعة إليه وفقا لأحكام القانون رقم (28) لسنة 2000بشأن انشأ المجلس الطبي حيث اناط به هذا القانون وفقا للمادة (10) الفقرة (ف): " التحقيق في الشكاوى والمخالفات المرفوعة اليه والبت فيها وتوقيع العقوبات الواردة في المادة (24) أو احالتها إلى النيابة العامة إذا رأت لجنة التحقيق ان موضوع الشكوى يتعلق بجريمة من الجرائم التي تختص النيابة العامة فيها" ( [2]) .

وتنص المادة (21) الفقرة (أ) على أنه :" على أي جهة تتولى التحقيق في شكاوى مهنية ضد مزاولي المهنة ان تستطلع رأي المجلس فنيا وعلميا قبل السير في اجراءات التحقيق مالم تكن الشكوى محولة اصلا من المجلس طبقا للفقرة (ف) من المادة (10) من هذا القانون"

ويستفاد من النص أن غاية المشرع من استطلاع رأي المجلس الطبي هي معرفة الرأي الفني والعلمي لموضوع الشكوى بالنظر إلى كون المجلس يضم في اعضائه عددا من ذوي المهنة في مجال الطب والصحة العامة ويعد تقرير المجلس من قبيل اعمال الخبرة التي لا يستغني عنها القضاء خصوصا في الشكاوى التي يتعين معرفة موافقتها لأصول المهن الطبية أو المهن الفنية الصحية المقابلة ، أما ما عدا ذلك من المسائل التي لا تتطلب رأيا فنيا وعلميا فلا حاجة لاستطلاع الرأي فيها ومن حيث قيمة تقرير المجلس الطبي في الاثبات يحمل تقرير المجلس القيمة القانونية نفسها التي يمنحها القانون لتقارير الخبراء في مجال الاثبات وفقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية المواد (207- 216).

ووفقا لما تقدم :

 نأمل من كل الأخوة أعضاء النيابة العامة التمعن فيما ورد في هذا الكتاب من أحكام وننوه أن ما ورد فيه لا يغني عن العودة إلى القوانين ذات الصلة للمزيد من الاطلاع والحرص على التطبيق السليم للقانون .

كما ننوه إلى مراعاة اعمال احكام المادة (301) من قانون الاجراءات الجزائية بشأن الاجراءات الموجزة التي يكون بموجبها للنيابة العامة في الجرائم التي لا تجاوز العقوبة فيها الغرامة ان تجري صلحا يكتفي فيه بالغرامة التي تقدرها ،ويسري هذا الحكم ايضا على الوقائع التي تكون عقوبتها تخيرية بالحبس أو بالغرامة .

وحيث أنه يلزم وفقا للقانون رضاء المتهم بالصلح ،فيتعين في الحالة التي يعلن عن عدم قبوله ذلك تقديم القضية إلى المحكمة بالإجراءات الموجزة إذا كان المتهم معترف بذنبه والجريمة غير جسيمة والمحاكمة ممكنه بصورة مباشرة دون التقيد بالحالات المنصوص عليها في الإجراءات العادية والإجراءات المستعجلة .

كما نهيب بمأموري الضبط القضائي وخاصة الذين يكتسبون صفة الضبطية القضائية وفقا لهذه القوانين ممارسة واجباتهم في ضبط الوقائع الجنائية وملاحقة المتهمين وفقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية وموافاة النيابة العامة بما يتم اعداده من محاضر جمع الاستدلالات والتنسيق مع النيابة المختصة في كل ما يكفل اداء واجباتهم بإجراءات صحيحة وفقا للقانون .

وعلى رؤساء النيابات التعميم بموجبه والمتابعة ورفع الاحصائيات الشهرية بما يتم وموافاتنا بصورة منها اولاً بأول.

،،، والله من رواء القصد،،،

صـــادر بمكتب النائب العام

بتاريخ    /    / 1441هـ

الموافق    /    / 2020م

 

                                                                                                        الـــنــائــب الـــعـــام

                                                                                                     د/علي أحمد الأعوش

 

[1] - يراجع فيما يتعلق بالوقائع والمخالفات التي تقع بالمخالفة لتلك التشريعات في الظروف العادية ما يلي :

أ- المواد ( 4 ، 8 ،9 ، 13 ، والمواد 19- 37) من القانون رقم (26) لسنة 2002م بشأن مزاولة المهن الطبية والصيدلانية وتتعلق أغلبها بالجرائم المخالفة لآداب وسلوك المهنة وشروط الترخيص ومزاولة العمل ومعاملة المرضى والالتزامات القانونية والفنية في زراعة الأعضاء.

ب- المواد (47 ، 65 – 71) من القانون رقم (4) لسنة 2009 بشأن الصحة العامة وتتعلق بالجرائم التي تؤدي إلى الاضرار بالصحة العامة مثل :توزيع ادوية مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات القياسية أو مقلدة وتوزيع مياه ملوثة أو غير معالجة ،ومخالفات اخرى تتعلق بفتح منشأة طبية او صحية أو البدء في ممارسة نشاطها قبل الحصول على الترخيص ..).

ج- المواد (13 ، 18) من القانون رقم(60) لسنة 1999م بشأن المنشآت الطبية والصحية الخاصة اولاهما متعلقة بالترخيص بمزاولة المهنة وثانيهما متعلقة بالشروط الواجب توفرها في المنشأة ووقائع اخرى ومواد العقاب ( 32 – 34).

[2] - تتضمن المادة 24 من هذا القانون العقوبات التأديبية التي خول المجلس الطبي حق توقيعها ويؤكد النص احالة الشكاوى المتعلقة بارتكاب جريمة إلى النيابة العامة.

عدد الزيارات 7623 عدد التحميلات 1613