كتاب دوري رقم (2 ) لسنة 2022م 

بشأن دور المحامين والقضايا الخاصة بهم

 

من المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين أن لكل شخص الحق في طلب المساعدة من محام يختاره بنفسه لحماية حقوقه وإثباتها، وللدفاع عنه في جميع مراحل الإجراءات الجنائية.

ويجسد الدستور في المادة (49) هذا الحق وتنص على أن : ( حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى وأمام جميع المحاكم وفقا لأحكام القانون وتكفل الدولة العون القضائي لغير القادرين وفقا للقانون).

ووفقا لتلك المبادئ يتعين أن يحافظ المحامون، في جميع الأحوال، على شرف وكرامة مهنتهم باعتبارهم عاملين أساسيين في مجال إقامة العدل.

ويعد هذا المجال الرابط الأساس الذي يربط المحامي بالقضاء من حيث وظيفتيهما في إقامة العدل ويستوجب التزامات متبادلة بين الطرفين، فالمحامي في سعيه لحفظ استقلاليته يتعين عليه :

أن يسلك تجاه القضاة مسلكاً محترماً يتفق وكرامة القاضي ومركزه وهيبته واستقلاله وأن يرتقي بأدب المخاطبة والمرافعة أمام القاضي، وأن يتحاشى كل ما يخل بسير العدالة كل ذلك دون انتقاص بدوره في الدفاع عن موكله وحقه في الانتقاد والاعتراض المؤسس على القانون ودونما خوف أو اتخاذ أية اعتبارات شخصية تعيقه في أداء دوره.

وفي ذلك تنص المادة (73) من قانون رقم(31) لسنة 1999م بشان تنظيم مهنة المحاماة أن: (على المحامي ان يتخذ من سلوكه ومظهره ما يدل على احترامه الكامل لهيئة المحكمة والا يبدي ما من شانه ان ينتقص من احترامها وهيبتها).

ويجب أن يتحلى في سلوكه بآداب مهنة المحاماة التي لخصتها المادة (73) من قانون تنظيم المحاماة وتنص: (على المحامي ان يتقيد في سلوكه الشخصي والمهني بالقيم الاسلامية ومبادئ الشرف والاستقامة والامانة حفظ السر والنزاهة وآداب المهنة سواء تجاه القضاء او تجاه زملائه او موكليه وعليه ان يتجنب كل اجراء او قول يحول دون سير العدالة وان يتقيد بأحكام هذا القانون وانظمة ولوائح النقابة).

وبالمقابل فإن القانون يقيم على القضاة التزامات تكرس احترام القضاء للمحامين ودورهم وإتاحة الفرصة كاملة لهم للقيام بواجبهم، فلا يرفض القضاء مثول المحامي أمامه.

وفي ذلك توجب المادة (51) من قانون تنظيم المحاماة على المحاكم والنيابة العامة والشرطة وغيرها من الجهات التي يمارس المحامي مهنته امامها ان تقدم له كافة التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبة ولا يجوز رفض طلباته بدون مسوغ قانوني كما ان عليها تمكينه او من يمثله من الاطلاع على الاوراق او تصويرها وحضور التحقيق مع موكله وفقا لأحكام هذا القانون.

وبناء عليه يجب أن يتيح القضاء للمحامي إبداء أقواله واعتراضاته بكل حرية وأن يحترم حق المرافعة ويمنح المحامي الرخص المقررة في القانون للتأجيل أو الاستمهال وأن يعطى الوقت الكافي للمرافعة والاستعداد لها ومناقشة الشهود وغير ذلك من أعمال مهنته.

وقد يصدر عن المحامي اثناء ممارسته لواجبات مهنته عملا او اقوالا مخلة بنظام الجلسات من شأنها أن تفضي إلى الاضرار بالعدالة أو الاخلال بهيبة القضاء وكرامته وربما امتد في بعض الأحوال إلى التناحر والنزاع مع أحد القضاة وهو ما يستوجب الحرص لحل أي خلاف من هذا القبيل بشكل ودي بعيداً عن اتباع الطرق الرسمية التي تستلزم اتباعها.

ومن ثم فإنه في الأحوال التي يصل الأمر فيها إلى لزوم اتخاذ تلك الإجراءات نوجه بمراعاة المواد التالية من قانون المحاماة:

مادة (53):

  1. لا يجوز توقيف المحامي احتياطيا اثناء ممارسته لواجبات مهنته لما يصدر عنه من عمل او اقوال مخلة بنظام الجلسات، ويحرر في هذه الحالة رئيس المحكمة المختصة محضرا يرفع الى النيابة العامة وينسخ منه صوره الى مجلس النقابة او رئيس الفرع الذي يتبعه المحامي.
  2. تقوم النيابة العامة بالتحقيق بعد تبليغ النقابة او رئيس الفرع لإيفاد من يمثل النقابة او الفرع لحضور التحقيق.
  3. لا يجوز ان يشترك القاضي او قضاة المحكمة التي وقع فيها الحادث في نظر الدعوى التي تقام على المحامي بسبب ذلك.

ويلاحظ مما تقدم أن المحامي لا يخضع للإجراءات المقررة في حق غيره في حالة الاخلال بنظام الجلسات بل يحال إلى النيابة المختصة للتحقيق فإذا رأت النيابة الاكتفاء بمساءلته تأديبيا تحيله إلى مجلس النقابة او رئيس الفرع الذي يتبعه المحامي وإذا اقامت عليه الدعوى فلا يجوز ان يشترك القاضي او قضاة المحكمة التي وقع فيها الحادث في نظر الدعوى التي تقام على المحامي بسبب ذلك، أما في الأحوال التي يتهم المحامي بجريمة معينة وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز التحقيق مع المحامي او تفتيش مكتبة الا بحضور احد اعضاء النيابة العامة، وعلى النيابة العامة اخطار النقيب او رئيس الفرع قبل الشروع في التفتيش والتحقيق بوقت كاف ،طبقا للمادة (56) وتنص على أن : (لا يجوز التحقيق مع محام او تفتيش مكتبة الا بحضور احد اعضاء النيابة العامة ، وعلى النيابة العامة اخطار النقيب او رئيس الفرع قبل الشروع في التفتيش والتحقيق بوقت كاف ، ويستثنى من احكام هذه المادة والمادة السابقة حالات التلبس او اذا كان التحقيق بواسطة قاضي التحقيق ( 1).

وتعد هذه الضمانة ميزة أخرى للمحامي يتعين مراعاتها سوءا تعلقت الجريمة بمهنته أو بغيرها وبهذا الصدد تنص التعليمات العامة للنائب العام على أن:

مادة (215): إذا كان موضوع الشكوى المقدمة ضد المحامي يتعلق بمهنته فيجوز لرئيس نيابة الاستئناف الاكتفاء بطلب معلومات المحامي إلا إذا اقتضى الأمر سماع أقوال الشاكي أو إجراء تحقيق فيا تضمنته الشكوى، فإذا تفاهم طرفا الشكوى أو ثبت أنها غير جدية فيتعين حفظها ما لم ير رئيس النيابة استطلاع رأي المحامي العام قبل التصرف فيها.

مادة (216): إذا اتهم المحامي بأنه ارتكب جريمة أو أنه أخل بواجباته أو بشرف طائفته أو حط من قدرها بسبب سيره في أعمال مهنته أو في غيرها، فيجب على النيابات أن ترسل التحقيق الذي تجريه في ذلك إلى المحامي العام بمذكرة لاستطلاع الرأي قبل التصرف فيها.

وعليه إرسال الأوراق إلى النائب العام إذا رأى محلا لإقامة الدعوى الجزائية أو التأديبية.

ومما يجدر الإشارة إليه في هذا الكتاب أن الحقوق التي كفلها المشرع للمحامي وفقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية غير مطلقة بل تقابلها صلاحيات لأعضاء النيابة العامة تحد منها وفق قيود وضوابط تحول دون التعسف في تطبيقها وأهم تلك الحقوق ما يلي:

الحق في حضور جميع إجراءات التحقيق أو الاطلاع على ما تم في غيبته بمجرد انتهائه:

وفي ذلك تقضي المادة (122) أن: (للمتهم أو المجني عليه أو ورثته أو من أصابه ضرر من الجريمة أو المطالب بالحقوق المدنية أو المسئول عنها ولوكلائهم – طبقا للقانون- ان يحضروا جميع إجراءات التحقيق وليس لهم الحق في الكلام إلا بإذن من المحقق وإذا كان المتهم مقبوضا عليه أو محبوسا وجب على المحقق إحضاره.

ويلاحظ أن هذا الحق ليس مطلقا بل يرد عليه بعض الاستثناءات التي تبيح للمحقق أن يباشر التحقيق في غيبتهم عند الاقتضاء او حالة الاستعجال وفقا لحكم الفقرة الثانية من المادة (122) فيكون له:

  1. ان يباشر في حالة الاستعجال بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم ولهؤلاء الحق في الاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات.
  2. ان يجري التحقيق في غيبة الخصوم كلهم أو بعضهم إذا اقتضى الأمر ذلك وليس لأي من الخصوم طلب إيقاف سير التحقيق بالطريقة التي قررها المحقق وعليه إطلاع من ذكروا على ما تم بمجرد انتهائه.

حق الاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة وحقه في عدم فصله عن المتهم الحاضر معه أثناء التحقيق:

هذا الحق مقرر لمحامي المتهم في الحالة التي يريد عضو النيابة العامة استجواب المتهم وهي حالة خاصة تتجاوز مجرد التحقيق وفقا للمادة (180) من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص بأن :( يسمح للمحامي بالاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة ما لم يقرر المحقق غير ذلك ، وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق.

ويقابل ذلك الحق ما يلي:

  1. لعضو النيابة العامة أن يقرر غير ذلك لمصلحة التحقيق وغاية ما في الأمر أنه وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق.
  2. ومن ناحية أخرى أنه يجب لمراعاة هذا الحق وفقا للمادة (179) على المتهم ان يعلن أسم محاميه بتقرير في دائرة الكتاب أو إلى مأمور المنشأة العقابية ويجوز لمحامية ان يتولى ذلك عنه ومن ثم لا مجال للطعن في تصرف عضو النيابة العامة اذا هو لم يراع حق المحامي بالاطلاع على التحقيق طالما لم يتم الإعلان عن اسم المحامي وفقا لنص المادة 179 المشار إليها آنفا.

وجوب دعوة المحامي أن وجد طبقا لأحكام المادة (181) ووفقا لما اشترطته المادة 179 للحضور مع المتهم في الجرائم الجسيمة:

ولإعمال هذا الحق يراعى في ذلك مواعيد الحضور والمسافات المقررة قانونا ووجوب اخطار المتهم بأن لا يجيب إلا بحضور محاميه.

ويقابل هذا الحق أيضا أن لعضو النيابة العامة وفقا للمادة (181) في حالة الجرائم المشهودة، وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة ان يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود بدون دعوة محامية.

الحق في الحصول على اتعابه في حالة ندبه لتقديم العون القضائي:

ينظم قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (70) لسنة 2006م بشأن لائحة تنظيم أمور العون القضائي من المحامين المعتمدين للمعسر والفقير في الجرائم الجسيمة المبادئ الأساسية لندب المحامين في الحالات التي تقتضي ذلك في المواد التالية:

مادة (3): ينتدب المحامون المعتمدون في جداول النقابة بتقديم العون القضائي للفقراء والمعسرين في القضايا الجنائية المصنفة كجرائم جسيمة دون غيرها من القضايا الأخرى.

مادة(4) : أ- تقوم النيابة في الجرائم التي تحقق فيها بتكليف نقابة المحامين بانتداب محامي لتقديم العون القضائي لمن ثبت فقره أو إعساره من المتهمين وذلك بموجب خطاب موجه إلى النقابة تبين فيه اسم المتهم والقضية والتهمة المنسوبة إليه ويتم إثبات ذلك في محاضر التحقيق.

ب- تقوم المحكمة المختصة بتكليف النقابة أو من تعينه من المحامين الحاضرين في قاعة المحكمة بتقديم العون القضائي لم ثبت فقره أو إعساره وذلك بموجب خطاب موجه إلى النقابة مرفقاً به صورة من محضر الجلسة لم تم اختياره وانتدابه من المحامين لتقديم العون القضائي.

مادة (5): يجب موافقة المحتاج للعون القضائي على شخص المحامي المكلف بتقديم المعونة وأن لا يكون المحامي المكلف بالعون قد ترافع أو كان خصماً ضد المحتاج للعون، كما أن له الحق أن يطلب تبديله بغيره على أن لا تزيد طلبات تبديل محامي العون القضائي عن مرتين ما لم يكن ذلك لأسباب مقبولة.

مادة (6): يفتح سجل في كل محكمة ونيابة لقيد قضايا العون القضائي يتضمن نوع القضية والمحكمة المختصة واسم المتهم المحتاج إلى العون القضائي والتهمة المنسوبة إليه والحكم الصادر فيها إن وجد

ورقم القضية والمحامي المكلف بتقديم العون وتاريخ مباشرته لتقديم العون والجلسات المحددة لكل قضية على حدة وتوقيع المحامي على كل جلسة على حدة وكذلك الحال بالنسبة للنيابة.

ولغرض تنفيذ هذه المبادئ اوجبت اللائحة المتقدم ذكرها انشاء لجنة عليا بوزارة العدل تتولى مهام تقدير الأجر الذي يستحقه المحامي وفقا لآليات الصرف المبينة في اللائحة في المواد (16 – 22) وبناء على ذلك ترفع اللجنة إلى الوزير تقريراً يتضمن ما تم اتخاذه من قرارات مع صورة من محاضر جلساتها على أن يتضمن ذلك التقرير كشفاً بأسماء المحامين المكلفين بالعون القضائي ومقدار الاتعاب التي تولت اللجنة تقديرها في كل قضية على حده مع بيان الأسباب وذلك للموافقة عليها أو تعديلها مع إيضاح سبب التعديل.

ومن أجل تجنب وقوع أية مشكلات مما لامسناها في الواقع متصلة بتلك الحقوق التي يتمتع بها المحامون وما يقابلها من صلاحيات قانونية لأعضاء النيابة العامة رأينا تضمين هذا الكتاب الدوري أهم ما يتصل بعمل المحامين كي يتفهم كل من الأخوة المحامين والجهات القضائية دورهم وفقا للقانون

وندعو الكافة إلى تفهم هذه الحقوق والصلاحيات واحترامها كما ندعو الأخوة أعضاء النيابة العامة إلى عدم استخدام صلاحياتهم بدون مقتضى يبرر ذلك ويحول دون تعرض العمل الإجرائي للبطلان واهدار المصلحة التي توخاها عضو النيابة العامة من الاجراء.

آملين التقيد به ومراجعة النصوص القانونية والتشريعات المشار إليها فيه وأن تكون لغة التخاطب بين الجميع قانونية تليق بمقام القاضي ودور المحاماة في تحقيق العدالة وعلى رؤساء النيابات تعميمه لكافة اعضاء النيابة العامة كل في نطاق ادارته ومتابعة الالتزام به.

 

،،،هذا وبالله التوفيق ،،،

صـــادر بديوان النيابة العامة

بتاريخ 9 /11/ 1443 هـ

الموافق 8 / 6/ 2022 م

 

القاضي /

قـاهـر مصطــفـى عــلي

الـــنــــائـــب الـــــعــام

 

1 - المادة السابقة ال مادة (55) وتنص على أن : " لا يجوز تفتيش مقر نقابة المحامين او فروعها الا بموجب القانون وبأمر قضائي وبحضور أحد اعضاء النيابة العامة ونقيب المحامين او رئيس الفرع او من يمثلهما ".

عدد الزيارات 2549 عدد التحميلات 843